Thursday 19 January 2017

الشيخ عزمي بشارة يهاجم ترامب ويصفه بخطيب الحانات .. ترويض ترامب أم ترويجه؟؟

نارام سرجون

لايزال الجاسوس الاسرائيلي الأشهر عزمي بشارة يتربع على عرش (المفكر العربي) بلا منازع كما تتربع دبي عاصمة للحضارة العربية كما لو ان دار الحكمة بناها الخليفة المأمون فيها ودفن في أحد أبراجها أبو الطيب المتنبي بجانب مكتب ضاحي خلفان ..

 سيظل عزمي متربعا على عرشه كما تتربع المغنية أحلام ملكة  وقاضية موسيقا وتقرر لنا ذائقتنا العربية ويصر اعلام النفط على أن تحل محل فيروز وأم كلثوم .. وسيورث عزمي لابنائه هذا المنصب الرفيع من بعده .. وقد أطاح بكل المفكرين السابقين واللاحقين .. وصار هاجس كل الذين يطفون على سطح الاعلام أن يشير المذيع الى احدهم ويقدمه على أنه (مفكر عربي) ومن فصيلة عزمي بشارة .. فتظهر ابتسامة ترحيب وابرنشاق على محيا المفكر العربي الجديد الذي منحه المذيع لقبا فخما بحيث صار من سوية عزمي بشارة سواء كان له شارب كبير أم لم يكن له شارب كبير .. و قد ينتمي لاحقا الى كتّاب (العربي الجديد) التي يشرف عليها المفكر العربي الأول عزمي بشارة .. ابن سينا العرب الذي يداوي الجراح العربية .. بالمراهم العبرية .. وتكون كلمته كالتعاويذ والرقى على حروقهم السياسية  بردا وسلاما فتشفى وتبرأ ..

وهذا المفكر العربي لايترك شاردة ولاواردة الا وله فيها نصيب وحصة .. (وحصة هنا ليست الشيخة حصة أل ثاني أو فصة آل جبر أو الشيخة حصة بنت سالم الصباح أو حصة آل نهيان) .. وقد راعه أن يمر حدث فوز دونالد ترامب دون ان يدلي بدلوه ويغرف من علمه الغزير ويرشد الأمة كما يرشدها المرشد الأعلى للاخوان المسلمين .. ولذلك فقد فكر لنا المفكر العربي وأنجز دراسة تحليلية وبحثا عظيما بعنوان: (صعود  اليمين واستيراد صراع الحضارات إلى الداخل: حينما تنجب الديمقراطية نقائض الليبرالية) محاولا ان يورد ايقاع عنوان شهير عن صراح الحضارات في مقالته لاكسابها وزنا وثقلا .. وقال في المقال الطويل لافض فوه: “ان هناك دهشة في العالم من تساهل المصوتين مع ركاكة شخصية المرشح دونالد ترامب .. الذي يجاهر بأفكار تخجل صاحبها لأن افكاره نوع من العيب السياسي” .. ووصف ترامب بأنه “خطيب الحانات والبارات” وكأنه خرج للتو من أحد البارات التي يشرب فيها الناس حتى الثمالة .. وفي سياق هجوم متكامل على ترامب لاينسى المفكر العربي أن يهاجم في طريقه بوتين ويمينيته الروسية التي تستعير صراع الحضارات لتغليف رفضها للديمقراطية الغربية وتأليه الديكتاتورية الوطنية .. وطبعا لاينجو الرئيس السيسي من هجوم المفكر العربي ولا الرئيس الصيني .. وطبعا لايمكن أن ينسى المقال الرئيس السوري الذي أبدى سخطه عليه الذي قد يراه ترامب هما ثانويا أمام طموحاته بعودة عظمة أميريكا ..

ويتبرع لنا المفكر العربي بتقديم احصائية معقدة عن أن هيلاري كلينتون هي التي فازت بأصوات الشعب الأميريكي ولكن النظام الانتخابي ظلمها وظلم الشعب وارادة الشعب .. ولاشك أن من غاب عن ذهن المفكر  العربي في بحثه المطول كانوا وللصدفة جميعا هم اصدقاء الشعب السوري وكل من تلطخت يداه بدم الشعب السوري .. فقد غاب أردوغان وكل حزب العدالة والتنمية وكل الخطاب الطائفي القذر عن السنة والكفار الذي يحلو لاردوغان ان يردده .. لأن خطاب المساجد المتمذهب ارقى من خطاب الحانات !! وكأن هناك فرقا بين خطاب الحانات وخطابات القرضاوي الذي حول مساجد المسلمين الى أسوا أنواع الحانات التي لاتناقش الا القتل والنكاح والزنا والسبي والخيانة والعمالة وبيع الدين وصكوك غفران بالدولار ..

وغاب أيضا عن أبحاث المفكر العربي كل الخليج العربي المحتل .. بكل شيوخه ومشايخه وشيخاته وقنوات التحريض المذهبي القميء والرخيص والذي لاشك أن اقذر حانة في اوروبة أطهر من كل زوار هذه الفضائيات وروادها وأن مستوى الحوار فيها أكثر انسانية مما يدور عن تكفير ملايين الناس وهدر دم  الطوائف .. وغابت عن موعظة عزمي بشارة أمارة قطر وغابت الكويت وغابت السعودية الوهابية ذات الخطاب الدموي الرهيب التي قدمت للعالم أكبر مجموعات ارهابية ودموية .. وهذه هي أكبر حانات في العالم .. اذا قيست الحانات بمستوى الخطاب الهابط والرخيص والفارغ .. ويكفي ان نستمع الى عشر ثوان لاحد أمراء أو ملوك الخليج لنعرف اين هم رواد الحانات ..

أما اجمل مافي المقال فانه عندما يتحدث عن الشعبوية .. وماأدراك مالشعبوية .. والتي يضيف اليها المفكر العربي وصف الديماغوجية الشعبوية التي تسببت في طفو ظاهرة ترامب .. هذه الشعبوية الديماغوجية يصنف خطابها على أنه “تحريض يستسهل جهل العامة والآراء المسبقة المنتشرة قبله .. فيعبر عما يحب الناس سماعه وهذا لايشترط ايمان الخطيب بكل مايتفوه به فقد يكون مؤدلجا ويؤمن بما يقول لكنه يستخدم خطابا ديماغوجيا مصمما بموجب مايعتقد ان الناس يريدون سماه بناء على الغرائز والميول الدفينة والسافرة” ..

وهذا الجزء من المقال يشبه الاعترافات الصامتة والقادمة من اللاوعي وطبقة اللاشعور .. وهو لاشك ينطبق مئة بالمئة على عزمي بشارة نفسه الجاسوس المؤدلج الذي يخاطب الناس كما يحبون .. فاذا كان في فلسطين تحدث عن النضال ضد الاحتلال .. وفي سورية يتحدث عن الممانعة والمقاومة .. وعندما صار في قطر تحول ابن تيمية الى مجاهد وثائر مجدد .. ولاتنسى الذاكرة كيف جعل عزمي يضخ في عقول  الناس الكراهية عبر محطة الجزيرة ونشر العقد الوهابية في ثباب الثورة السورية التي ألبسها لبوس الجهاد مستغلا جهل الناس وميولهم الدفينة .. وهذا هو حال محطة الجزيرة وخطاب كل القتلة الذين شاركوا في مجزرة الربيع العربي الرهيبة .. فكلهم كانوا يحرضون الناس مستغلين جهل العامة والآراء المسبقة الصنع المنتشرة .. ويستخدمون خطابا مبنيا على الغرائز والميول الدفينة والسافرة .. كما فعل القرضاوي وكل محطات الاسلام السياسي دون استثناء .. انه تحريض الفوضى باستغلال جهل الناس  وغرائزهم وميولهم الدفينة .. وهو أول اعتراف بحقيقة الربيع العربي وحقيقة المحرضين فيه وطريقة التحريض التي أشرف عليها عزمي بشارة بنفسه ..

من يقرا المقال سيلاحظ على الفور كثرة الارتكاز على مصطلحات فارغة ونثر الأفكار المتلاطمة والمتناقضة وأن بقالا في حارة أو صاحب بار لديه افكار أكثر تنظيما منه .. ويخلص للقول انه أتفه مقال على الاطلاق وله غاية خفية تتغطى بفذلكات لاتقدم ولاتؤخر .. ولاندري ان كان هذا الجاسوس الخطير يريد التحريض على عهد ترامب (رجل الحانات) أم أنه يريد أن يدس لنا طعما جديدا بأن نصدقه انه عدو لترامب وعهده لكنه سيقود القطيع الذي يستمع اليه نحو وجهة أخرى اذا تبين ان ترامب كان مثل عزمي بشارة مؤدلجا وسيأخذ القطيع نحو مزيد من الفوضى بعد ان دغدغ غرائزه .. ليلعب معنا عزمي بشارة في هجومه على ترامب لعبة دافوس الشهيرة التي مثل فيها أردوغان انه تخاصم مع شيمون بيريز وحرد وخرج .. ولكنه لم يخرج ليحرر فلسطين ولاليصلي في الأقصى بل ليفتح سورية ويصلي في المسجد الأموي ..  وفعل أكثر مما كان بيريز قادرا على فعله ..

باختصار .. فان الرجل يريد ان يقول بأن تحالف الديمقراطية والليبرالية بعد الحرب العالمية الثانية هو الذي اسقط الشعبوية التي نهضت في اوروبة وأتت بهتلر .. ولكن الشعبوية السياسية اليوم هزمت التحالف القديم واعادت ظاهرة وصول المتطرفين .. ولولا بعض الخبث لقال عزمي بشارة ان ترامب هو استنساخ لخطاب هتلر الشعبوي (خطاب الحانات الألمانية) الذي هزم بتحالف الديمقراطية والليبرالية الاوروبية والاميريكية الى أن عاد انتاج نفسه في 8 تشرين الثاني 20166 .. عبر النازي ترامب ..

ولكن مايفكك كل هذا الخطاب وينسفه ويلغيه من أساسه هو ماورد في مقال للاستاذ ناصر قنديل بعنوان  (أوباما الفاسد والجاحد .. الديمقراطية آلهة تمر) الذي بدا أكثر تناسقا وفهما لماحدث في أميريكا والذي يراه الاستاذ قنديل على أنه هزيمة مؤكدة للعبة الديمقراطية الأميركية التي تحولت الى آلهة تمر لأن النخب الاميركية تحس بالغيظ من انزلاق اللعبة الانتخابية وأداة الديمقراطية من ايديها وهي التي كانت تتحكم بقوانينها .. وعندما خسرت اللعبة انتقدت الديمقراطية دون تردد ووصل بها الأمر انها صورت ترامب على أنه عميل روسي .. أي ان الديمقراطية وهي الايقونة التي تصدرها اميريكا لاتحصن النظام السياسي من التلاعب به حتى يمكن لجهاز مخابرات خارجي أن يقرر من هو الرئيس في قلعة الديمقراطية .. ومافعله عزمي بشارة هو أنه أكل التمر الذي عبده طوال سنوات وطالبنا بأن نثور من أجله لأنه يأتي برجال الحانات  كما اكتشف اليوم بعد ان دوخنا وهو يتباكى على النهضة العربية المعاقة في غياب الديمقراطية بنموذجها الغربي الخلاق .. انه تمر الديمقراطية .. الذي آن أوان التهامه ..

لاندري حتى اليوم وعلى وجه الدقة سبب هذه الشراسة على عهد ترامب قبل أن يبدأ .. فعزمي لايكتب في شأن دون ايعاز من جهة عليا ولغاية في نفسها .. وهو جزء من منظومة استخباراتية تعمل بشكل متناسق وتروج ذات الخطاب في كل العالم .. وهناك في كل العالم اليوم نسق كتابات واحد يهاجم ترامب ويحذر منه  .. فهناك شيء ما سنتبينه قريبا لأن هذا الاصرار على تحطيم ترامب قد يشي بانه طلقات تحذيرية كي يتم ترويضه .. أو ترويجه .. وعلينا ان نتريث ونترقب .. فهؤلاء قوم ادمنوا الألاعيب وفن الخداع..

لاأستطيع أن أدافع عن ترامب بل عندي ألف سبب لأهاجمه .. ولاتعنيني معارك الليبرالية والديمقراطية  والشعبوية طالما أن المعارك بينها سيسيل دمنا فيها وليس دم الاميريكيين أو دم أحد آخر .. فنحن دوما نتبرع بالدم في كل انتخابات في العالم .. ولايهمني خطاب تارمب ان كان ولد في الحانات أو كان منقوعا في زجاجة نبيذ أو زيت الكيروسين .. فذلك لايعني شيئا على الاطلاق .. لأن الخطاب الذي نقعناه مئة سنة في ماء الاخوان المسلمين ووعظياتهم وسقيناه من كتب التراث .. أنتج أقبح أنواع السلوكيات البشرية .. واخجلنا جميعا .. وكان معيبا لنا جدا .. ولأن الخطاب الذي تزخرف بكلمات ابن تيمية ومحمد بن عبد  الوهاب راعنا أنه أسوا من أسوا حانة .. وأنه مليء بالفجور والجنس والكراهية والدم .. وكم كان جميلا لو أنه مر بحانة من حانات ترامب وتطهر مما هو فيه من عيب وفجش وبذاءة وطائفية وعنصرية .. ولأن الخطاب الذي كان يردده الوعاظ ويلحنون كلماته كما لو أنهم يجودون القرآن .. كان خطابا ملوثا بالدم .. وكل صاحب لحية كان حانة متنقلة ..

انني ياسادة أفضّل ان أبني حانة في طريق على أن ابني مسجدا وهابيا سيعلم الناس فيه ويعظهم خطيب وهابي أو اخواني يعلم الناس الكراهية وثقافة الموت والخيانة .. ان الحانة سيمر بها ابو نواس الثمل الذي  ينشد للحب والشعر .. أما ذلك المسجد فسيقيم فيه صوت ابن تيمية .. وسيف محمد بن عبد الوهاب .. وسيقيم الموت مهرجانات لاتنتهي ..

==================================
ملاحظة هامة: انظروا الى التعريف بالمفكر العربي عزمي بشارة الذي ينشر دوما بجانب اسمه .. لاحظوا التفخيم وسرد المناصب الفكرية .. ولكن هناك شيء بسيط غائب عن التعريف بالسيرة الذاتية .. شيء لايذكر كيلا نحرج صاحب الفكر المنير .. السيرة الذاتية لاتاتي على ذكر مناصبه الرفيعة في معاهد البحث الاسرائيلية التي كانت تسعى لتهويد فلسطين .. وعلى رأسها معهد فان لير الذي ترأسه هذا الجهبذ ..  وربما سقط ذلك سهوا أو تواضعا من المفكر العربي لكثرة ماتزاحمت الهموم في رأسه على الشعب السوري وشعوب الشرق .. ولكن لماذا يخجل مفكر من أن يضع كل سيرته الذاتية .. ان كانت كلها عطرة وليس فيها عيوب ولاثقوب؟؟ .. لاشك ان أهم مافي السيرة الذاتية ليس هنا بل لدى الموساد الذي سينشر يوما مذكراته عن الجاسوس الذي لايقهر ..


   ( الأربعاء 2017/01/18 SyriaNow)

River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: